غائب طعمة فرمان
(١٩٢٧-١٩٩٠)


روائي عراقي شيوعي ولد في حي المربعة الشعبي في بغداد لأسرة فقيرة. كان شغوفا بالأدب والسياسة منذ صغر سنه، حيث راسل مجلات عراقية ومصرية عديدة وبعث لها بقصائده ومقالاته، التي لاقت استحسانا من رؤساء التحرير، تعرف خلال دراسته المتوسطة والثانوية على بعض النشطاء الشيوعيين وبدأ بقراءة منشوراتهم ومقالاتهم، التي شكلت وعيه الطبقي والسياسي، مما سبب مشكلة له عند اعتزامه السفر إلى مصر للدراسة الجامعية، فقد علم أن تأخير إصدار جوازه سببه إدراج اسمه على لائحة المحظورين من السفر خارج العراق، فذهب بنفسه لمكتب الأمن واقنع المسؤولين هناك بشطب اسمه من اللائحة.
أثناء عيشه في القاهرة تردد على صالونات أدبية منها صالون نجيب محفوظ والزيات، وعقد صلات وعلاقات مع أدباء ومثقفين من مختلف الاتجاهات الفكرية، وعمل في أكثر من مجلة ثقافية بأجور زهيدة.

بعد اكماله الدراسة الجامعية، عمل في صحيفة "الأهالي" التي كانت مركز استقطاب للعديد من التيارات والقوى السياسية الديموقراطية والتقدمية التي نشطت في الساحة العراقية وقتذاك، إلا أن الجريدة أغلقت بالقوة عام ١٩٤٥ في حملة القمع التي تعرضت لها الأحزاب السياسية في العراق، بعد قرار نوري السعيد بحل البرلمان ومنع أي نشاط سياسي وملاحقة كل من له علاقة بالحزب الشيوعي. هنا بدأت رحلة غائب مع الغربة، حيث تنقل بين بيروت والقاهرة ليبتعد عن المناخ الديكتاتوري في العراق، وعمل على إعداد كتب تفضح الأساليب القمعية للحكم الملكي في العراق مما أدى إلى إسقاط الجنسية عنه، واضطره للذهاب للصين حيث عمل في وكالة أنباء الصين.

استبشر خيراً بعد سقوط الحكم الملكي في العراق وعاد هناك يحذوه الأمل في حياة كريمة حرة، إلا أن السلطات أبت أن تتركه حرا بسبب ارتباطه الوثيق بالحزب الشيوعي فغادر إلى موسكو حيث قضى بقية حياته هناك عاملا في مجال الترجمة، وأسقطت عنه الجنسية العراقية مرة أخرى بعد انقلاب حزب البعث. ظل فرمان مسكونا بهموم العراق إلى آخر عمره، ولم تغب بغداد عن باله، بل كانت حاضرة دائما في رواياته الواقعية التي استلهمها من أزقتها وبيوتها الشعبية، وأناسها الكادحين المهمشين، وبالرغم من جمال أسلوبه وروعة حكاياته إلا أنه عانى في نشر رواياته، فقد كان الناشرون يتوجسون خيفة من طباعة أعماله بسبب محتواها السياسي وبسبب انتماء غائب لليسار. اضطر أكثر من مرة لتغيير عناوين رواياته بناء على طلب الناشرين، واستبدالها بعناوين أقل صراحة، وآلمه هذا كثيرا ، إلا أنه ظل وفيا لمبادئه الشيوعية ومنحازا للفقراء لآخر عمره، فقد كانت الكتابة وسيلته لمقاومة الاغتراب الذي فرض عليه قسرا من قبل الأنظمة القمعية التي تفننت في إخماد كل صوت معارض لها، فكتب: "ماذا يريد هؤلاء الذين يجعلونك غريباً؟ إنهم يريدون أنْ يجعلوك صفراً، مجمداً، مهملاً، بلا صوت، لكن إذا استطعت أنت بشكلٍ من أشكال النشاط أنْ تتحداهم وترفع صوتك، فمعناه أنك أفشلت لعبتهم."



خمسة أصوات: ٣٤٨ صفحة. خمسة أصدقاء يلتقون كل ليلة في أحد مقاهي بغداد ليبثوا شجونهم وأحلامهم أثناء حقبة سياسية قاسية، تتشابك أصواتهم وتتداخل أحداث حياتهم لتسجل لنا صورة حية عن عراق الخمسينيات، وبالأخص قبيل انقلاب ١٩٥٨ الذي أطاح بالملكية العراقية.